في البداية، لم أكن متحمسة لقراءة كتاب مناورة الملكة عن لعبة الشطرنج. ظننت أنه سيركز على قواعد اللعبة والحسابات الرياضية، وهي أمور لا تثير اهتمامي. خاصة مع صورة الغلاف التي تظهر فتاة تبدو صارمة وذكية. كان لدي انطباع بأنني سأقرأ عن فتاة ذكية في الشطرنج، ولكن أيضًا بارعة في الخدع. ومع ذلك، وجدت نفسي أواصل القراءة، وبسرعة.
كتاب مناورة الملكة: قصة ملهمة عن العبقرية والشطرنج والصراع النفسي
سرد الكاتب للأحداث كان سريعًا، والزمن يتسارع مع نمو بيث في العمر. في البداية، شعرت أن القصة ستنتهي قريبًا، كانت هناك تفاصيل تشير إلى شخصية بيث بوضوح، خاصة فكرة إدمانها على المهدئات. تبدو بيث شخصية غير عادية. هي ليست البطلة التقليدية التي تثير التعاطف بسبب ظروفها الصعبة، بل على العكس، نجدها تتعامل مع حياتها القاسية ببرود وعزيمة نادرة. يتيمة ووحيدة، تنمو بيث في بيئة تفتقر للحب والدعم، ولكنها تجد ملاذها في عالم الشطرنج، عالم تسيطر فيه على كل خطوة وتواجه فيه تحديات من نوع خاص.
لم أتعاطف مع بيث لأنها يتيمة أو ابنة دير، فشخصيتها لم تكن تركز على هذه الجوانب. ما جذبني حقًا لقراءة قصتها في قدرتها على تحويل الألم والمعاناة إلى قوة دافعة. كانت بيث قوية وصامتة، ولم تسمح لنفسها بالانغماس في الحزن أو البكاء على حياتها المأساوية. بيث لم تتذمر أبدًا، بل قبلت كل ما جرى في حياتها بصمت وقوة، وهو ما جعلها عظيمة وكان مصدر نجاحها.
ما يميز بيث أيضًا هو رفضها للوقوف في دور الضحية. على الرغم من ماضيها الصعب، فهي لا تسمح لهذا الماضي بأن يحدد هويتها أو مستقبلها. بيث هي مثال للقوة الصامتة، القبول الهادئ لكل ما يجري حولها، واستخدام هذه القوة الداخلية لتحقيق أهدافها. أدركت أن الحياة ليست سهلة، ولكنها مستعدة لمواجهة أي تحدٍ يقف في طريقها.
كانت بيث هارمون تتمتع بهدوء رائع وراحة ملحوظة أثناء اللعب، كما لو كانت تقوم بشيء بسيط كأن تشرب الماء. قدرتها على استخدام عقلها للعب الشطرنج ذهنيًا كانت مذهلة وفريدة من نوعها، وهو أمر لم أسمع به من قبل. هذا التمرين الذهني تطلب تركيزًا استثنائيًا وانتباهًا غير عادي، وقد ابتكرته بيث بنفسها لتعويض قلة الإمكانيات المادية التي لم تمكنها من اللعب الفعلي.
كانت بيث سيدة عقلها بكل معنى الكلمة، خاصة عندما يتعلق الأمر بتحقيق أهدافها. ذهنها الصافي وشعورها العميق بالمسؤولية تجاه طموحاتها دفعاها لقضاء ساعات طويلة في الدراسة والتدريب بتركيز كامل. الأهم من ذلك أنها كانت تطبق ما تعلمته بحكمة وإصرار. بيث لم تترك لعقلها مجالًا للتشتت، بل سيطرت عليه بشكل كامل، مما جعلها تجسد القوة والانضباط في طريقها نحو النجاح.بل كانت كمن يوجه رسالة إلى العالم: سأصل رغم الكوابيس، رغم البؤس، ورغم كل العوائق
في نهاية المطاف، الشطرنج ليس فقط لعبة بالنسبة لبيث، بل هو الوسيلة التي تستخدمها لفهم نفسها والعالم من حولها. هو الاختبار النهائي لذكائها وقدرتها على الصمود. نجاحها في الشطرنج ليس فقط بسبب التدريب المكثف، بل لأنه نتاج لصراع داخلي طويل الأمد مع الشكوك والخوف والضعف.
“كتاب مناورة الملكة” يبرز بيث هارمون كرمز للعبقرية والإصرار. هي تجسد الفكرة القائلة بأن أعظم الانتصارات تأتي من الداخل، وأن العقل البشري قادر على التغلب على أصعب الظروف إذا تمكن الإنسان من تسخير قوته.
في الختام، بيث ليست مجرد لاعبة شطرنج ماهرة؛ هي رمز للإرادة والعزيمة، ودليل على أن النجاح الحقيقي يأتي من تجاوز تحديات الحياة والسيطرة على الذات. “كتاب مناورة الملكة” ليس فقط قصة عن الشطرنج، بل هو درس في الحياة من خلال رحلة بيث هارمون، التي تستحق أن تُقرأ وأن تُلهم الجميع.
ستجد هنا مقال عن كتاب يكون دليلك لتنمية قدرات العقل والذاكرة. و هنا فيديو عن خطوات لتحقيق الشفاء الذاتي