يقع الناس في فخ تكرار نفس الأحداث في حياتهم، سواء في العلاقات أو العمل أو غيرها، دون أن يدركوا أنهم يساهمون في خلق واقعهم. بالنسبة للشخص العادي، قد يظن أن هذه الأحداث ناتجة عن الظروف والأشخاص من حوله، ويلعب دور الضحية، مبرراً ذلك بوجود ظروف معينة أو أشخاص محددين تسببوا في خلق هذا الواقع. الميل إلى إلقاء اللوم على الآخرين هو نوع من التهرب من المسؤولية والخوف من التغيير
ما يحدث في الخارج هو في الواقع انعكاس لما يوجد بداخلك. إذا تكررت الأحداث السيئة في حياتك، فهذا لا يجعلك شخصاً سيئاً، والعكس صحيح أيضاً. التحديات والأحداث التي تواجهها ليست دروساً، بل هي مرآة تعكس حالة وعيك، بمعنى آخر، تعكس الأفكار التي تشغل بالك والمشاعر التي تسكن جسدك، والسلوكيات التي لم تستطع التغلب عليها وأصبحت عاداتك
من المهم أن ندرك أن الأحداث التي نعيشها لا تتعلق بجودة شخصيتنا، بمعنى أن وجود أحداث سيئة لا يعني أننا أشخاص سيئين. هناك معتقد شائع يربط بين المعاناة والنجاح، حيث يعتقد البعض أن الأشخاص الذين يعانون هم فقط من سينجحون في النهاية. إذا كنت ممن يؤمنون بذلك، أسألك: متى ستأتي تلك النهاية؟ إن بقيت في دوامة المعاناة، ستظل تعاني وقد لا تجد نهاية مرضية
النظرية هنا هي أن واقعك هو ناتج عن الأفكار التي تشغل جل تفكيرك، بالإضافة إلى المشاعر والسلوكيات التي تتبعها. هذه النظرية يدعمها علماء مثل جو ديسبنزا وآخرين. إذا رأيت أن نفس الأحداث تتكرر مراراً وتكراراً، يجب أن تتوقف وتنظر إلى نفسك بدلاً من إلقاء اللوم على العالم الخارجي. هناك مقولة في زين: “الأهم أن تبحث كيف تزيل السهم من الجسم وليس من أين أتى أو من المتسبب في ذلك
ظروفنا لا تصنعنا، ولكنها تظهر ما اخترنا أن نكون عليه. الخبر السار هو أنه يمكنك تغيير واقعك بسهولة، ولكن بشرط أن تتقبل فكرة التغيير. لا أقصد التغيير السائد الآن في مواقع التواصل الاجتماعي، والذي يتعلق فقط بالعلاقات مثل “سأتجنب الناس جميعاً لأنهم السبب في معاناتي”. هذا النوع من التغيير هو مجرد وسيلة لتجنب المشكلة، ويطلق عليه البعض “عزة النفس
التغيير الحقيقي هو أن تتوقف عن التفكير والشعور والقيام بنفس الأشياء التي تقوم بها عادةً، أو على الأقل أن تقوم بها بطرق مختلفة. إذا استمررت في نفس الأفكار، فإنك ستؤدي إلى نفس القرارات، وبالتالي إلى نفس السلوكيات، مما يؤدي في النهاية إلى نفس الواقع.
كيف يمكنك تغيير واقعك؟
عندما تواجه تحديات في حياتك، فإن أول خطوة نحو التغيير هي تجنب إلقاء اللوم على الآخرين أو الظروف من حولك. بدلاً من الاستسلام للشعور بالأسف على نفسك، اعلم أن هذا التصرف سيعيق تقدمك. بدلاً من ذلك، تحمل المسؤولية وسأل نفسك: “ما هي الأفكار والسلوكيات التي كنت أمارسها مؤخراً والتي أدت إلى ظهور هذا التحدي مرة أخرى؟” بمجرد أن تطرح هذا السؤال، تكون قد حليت 50% من المشكلة. هنا مقال كيفية التغلب عن الكسل و التسويف
البحث عن حلول للتغيير بدلاً من اللوم
عندما تسأل هذا السؤال، يبدأ عقلك في البحث عن حلول بدلاً من الاستمرار في اللوم والأسف. اختر التغيير، وبدلاً من التركيز على ما هو خطأ، دع عقلك يتطلع إلى إيجاد طرق جديدة للتعامل مع الوضع. ستشعر بالإثارة والتحدي، مما سيدفعك لاختبار أشياء جديدة
هل شعرت يوماً بالإثارة عندما رأيت نجاح شخص ما أو عشت تجربة أثارت حماسك وجعلتك تقول: “سأتغير وسأقوم بكذا وكذا”؟ هذا الشعور بالإلهام هو علامة جيدة على أنك على الطريق الصحيح للتغيير
تقبل الصعوبات أثناءالتغيير
عندما تحاول تغيير نمط حياتك، قد تواجه صعوبات في الخطوة الأولى، لأن عقلك وجسدك معتادان على أنماط فكرية وعادات قديمة. بناء نمط جديد يتطلب جهدًا ووقتًا. إذا شعرت بالعودة إلى عاداتك القديمة بعد فترة قصيرة من التغيير، فلا داعي للقلق. هذا طبيعي لأن العقل والجسد يتطلبان وقتًا للتكيف مع التغييرات الجديدة
فهم الطاقة الداخلية وتأثيرها على سلوكك
تتمثل في التناغم بين قوة الفكر، العاطفة الجياشة، وإيمان الجسد. العاطفة الجياشة، التي مصدرها القلب، تُحفز من العقل بالأفكار، حيث تعمل على إرسال إشارات إلى الجسد. المشاعر هي رد فعل الجسد على الأفكار، حيث يقوم العقل بصنع فكرة، ثم يرسلها إلى القلب لتحفيز العاطفة، والتي بدورها ترسل إشارات إلى الجسد، مما يجعله في حالة إيمان ويبدأ في تشكيل سلوكيات تعكس الشعور والعاطفة والفكرة. بمعنى آخر، التصرفات تنبثق من الأفكار
كيفية تحقيق التغيير
لتحقيق التغيير هو تكرار الفكرة مع عواطف جياشة بشكل مستمر. إذا كنت تستيقظ كل صباح بنفس الشعور، فهذا يعني أنه لا يوجد تغيير حقيقي في حياتك. السبب في ذلك هو نفس الأفكار التي تراودك كل يوم؛ إذا كان 70% من أفكار اليوم هي نفسها من الأمس، فإن الشعور والسلوك والأفعال ستظل كما هي، مما يؤدي إلى نفس الروتين نحن مسؤولون عن مصيرنا من خلال توجيه عقولنا، والخبر المفرح هو أننا قادرون على توجيه عقولنا بدلاً من أن يسيرنا الروتين. عندما تبدأ في التفكير بإمكانات جديدة ويبدأ عقلك بإطلاق تسلسلات جديدة وتخطيط سلوكيات جديدة، تبدأ حياتك في التغيير. هذا هو اختيارك
السؤال: كيف يمكن تحقيق ذلك؟
الجواب: في لحظة اتخاذ القرار بالتوقف عن التفكير بطريقة معينة والشعور بطريقة معينة والتصرف بنفس الطريقة، يبدأ العقل في خلق أفكار جديدة تعكس الرغبة التي تريدها. يمكن تجسيد الرغبة من خلال الخيال والوضوح في ما تريد. إذا لم تكن واضحاً مع نفسك حول نوع الأفكار التي تريدها، فإن العقل سيتصرف تلقائيًا وينشئ أفكارًا بنفس المعنى السابق
تغيير شخصيتك لتغيير حياتك
كيف تفكر؟ وكيف تشعر؟ وكيف تتصرف؟ هي جوانب تشكل شخصيتك. إذا كنت ترغب في تغيير حياتك، يجب أن تغير شخصيتك من خلال
- بداية التفكير: قم بمراجعة الأفكار التي كنت تفكر بها وغير تلك التي لا تفيدك. اخلق سيناريوهات تعكس ما تريده.
- تعديل السلوك: قم بتعديل سلوكك وكلامك، واخرج من نفس القوقعة التي تحبس نفسك فيها.
- الاعتراف بقوة الأفكار: اعلم يقينًا أن الأفكار هي التي تحركك.
- مبدأ الأفكار الإيجابية: أفكار إيجابية + شعور إيجابي = سلوك إيجابي.
- الأهم: لا تنتظر النجاح لتشعر بالقوة، ولا تنتظر العلاقة لتشعر بالحب، ولا تنتظر المال لتشعر بالثقة والحياة.
الشعور بالاكتمال، النجاح، الثقة، والحب، قبل وقوعه، هو ما يجلب وقوعه حقًا. هذا ما يُسمى تحضير العيش المستقبل من خلال “الشعور، السلوك، ثم الفكر” في الحاضر. السر يكمن في محاولة العيش مراراً وتكراراً في اللحظات التي تود عيشها في المستقبل في الحاضر، في كل مجالات الحياة. هذا التمرين يغير من تركيب عقلك ويتصل بالعالم الخارجي لك، ليصبح واقعاً حقيقيا
تجدون هنا فيديو يوضح 5 خطوات للشفاء الذات